کد مطلب:167538 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:311

خطاب الحسین فی القوم
فجعل القوم یرمونه بالسهام فرجع بریر إلی ورائه، فتقدّم الحسین نحو القوم، ثم نادی بأعلی صوته: یا أهل العراق ـ وكلهم یسمعون ـ فقال: (أیها الناس اسمعوا قولی ولا تعجلوا حتی أعظكم بما یحقّ لكم علیّ، وحتی أعذر إلیكم، فإن أعطیتمونی النصف كنتم بذلك سعداء وإن لم تعطونی النصف من أنفسكم فأجمعوا رأیكم ثم لا یكن أمركم علیكم غُمّة ثم اقضوا إلیّ ولا تنظرون، إنّ ولیّی الله الذی نزّل الكتاب وهو یتولّی الصالحین.

ثم حمد الله وأثنی علیه وذكره بما هو أهله، وصلی علی النبی وآله وعلی الملائكة والأنبیاء، فلم یسمع متكلّم قط قبله ولا بعده أبلغ منه فی المنطق.

ثم قال: أما بعد یا أهل الكوفة فانسبونی فانظروا من أنا، ثم راجعوا أنفسكم فعاتبوها فانظروا هل یصلح لكم قتلی وانتهاك حرمتی؟

الستُ ابن بنت نبیّكم وابن وصیّه وابن عمّه وأول مصدّق لرسول الله (صلّی الله علیه وآله) بما جاء به من عند ربّه؟

أو لیس حمزة سید الشهداء عمّ أبی؟

أو لیس جعفر الطیّار فی الجنة بجناحین عمّی؟

أو لم یبلغكم ما قال رسول الله لی ولأخی: (هذان سیدا شباب أهل الجنة).

فإن صدّقتمونی بما أقول وهو الحق، والله ما تعمّدتُ كذبً منذ علمتُ أن الله یمقت علیه أهله، وإن كذّبتمونی فإن فیكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم، سلوا جابر بن عبدالله الأنصاری، وأبا سعید الخدری، وسهل بن سعد الساعدی؛ وزید بن أرقم؛ وأنس بن مالك یخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله لی ولأخی... أما فی هذا حاجز لكم عن سفك دمی؟ یا قوم فإن كنتم فی شكٍ من ذلك، أفتشكّون أنی ابن بنت نبیّكم فوالله ما بین المشرق والمغرب ابن بنت نبی غیری فیكم ولا فی غیركم، ویحكم! أتطالبونی بقتیل منكم قتله أو مالٍ استملكته، أو بقصاص من جراح؟

فأخذوا لا یكلّمونه، ونادی بأعلی صوته فقال: أنشدكم الله هل تعرفوننی؟

قالوا: نعم أنت ابن رسول الله وسبطه.

فقال: أنشدكم الله هل تعلمون أن جدی رسول الله؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: أنشدكم الله هل تعلمون أن أبی علی بن أبی طالب؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: أنشدكم الله هل تعلمون أن أمی فاطمة بنت رسول الله؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: أنشدكم هل تعلمون أن جدّتی خدیجة بنت خویلد أول نساء هذه الأمة إسلاماً؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: أنشدكم الله هل تعلمون أن حمزة سید الشهداء عمّ أبی؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: أنشدكم الله هل تعلمون أن جعفر الطیّار فی الجنّة عمّی؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: أنشدكم الله هل تعلمون أن هذا سیف رسول الله أنا متقلّده؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: أنشدكم الله هل تعلمون أن هذه عمامة رسول الله أنا لابسها؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: أنشدكم الله هل تعلمون أن علیاً كان أول القوم إسلاماً وأعلمهم عِلماً وأعظمهم حلما، وانه ولی كل مؤمن ومؤمنة؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: فبم تستحلّون دمی وأبی الذائدُ عن الحوض یذود عنه رجالاً كما یذاد البعیر الصادر عن الماء، ولواءُ الحمد فی ید أبی یوم القیامة؟!

قالوا: قد علمنا ذلك كلّه ونحن غیر تاركیك حتی تذوق الموت عطشانا).

فلما خطب بهذه الخطبة وسمعت بناته وأخته زینب كلامه بكین وندبن ولطمن خدودهن، وارتفعت أصواتهن، فوجّه إلیهن أخاه العباس وابنه علیّاً، وقال لهما: أسكتاهنّ فلعمری لیكثرن بكاؤهن.